1 ـ الأشخاص :
مفهوم المدرسة الفاعلة ليس نموذج تغيير من أعلى إلى أسفل . وعلى أية حال فمن الأمور الأساسية أن تعرف المدرسة بأنه يوجد دعم من المنطقة التعليمية لجهود التغيير . وعلى أقل تقدير فالمدرسة تحتاج لأن تعرف بأن مدير المنطقة التعليمية واعٍ لاحتياجات الرحلة ، وأنه لن يعارض جهود المدرسة . وبصورة مثالية ، فإن مدير المنطقة التعليمية له ظهوره وتأثيره ، وهو الذي يدعم هذه الرحلة ، وهو كذلك سيطلب معلومات دورية عن تقدم المدرسة . هذا الدعم الرئيسي من المديرين هو البداية الإيجابية لجهود التغيير المنظم ، وهو كذلك الذي سيؤكد للمسافرين بأن هذه الرحلة لم تذهب سدىً وليست سرية ، بل إنها معترف بها ومدعومة.
يلعب المكتب المركزي للهيئة التدريسية دوراً رئيسياً في تسهيل الجوانب المتطورة للرحلة. يفهم أعضاء الهيئة التدريسية ـ الذين يعملون مع فريق إدارة المدرسة ـ الحاجة لمثل هذا التسهيل ، ومنها مثلاً : إيجاد فترة للراحة والتنفيس للتدريب المهني المتطور ، والحصول على مواد تدريبية ، والتزويد بمكان للتدريب ، والعمل على تنظيم المدرسين الاحتياطيين . وليس هذا فحسب ، بل العمل مع المدير لتسليم أوراق العمل المطلوبة ، والتأكد بأن التدريب المهني المتطور قد أخذ مكانه . إضافة إلى ذلك ، فإن الهيئة التدريسية تعمل على تزويد المنطقة التعليمية بالمعلومات عن تقدم المدرسة .
وبينما يكون من المهم إيجاد العمل المعترف به من مدير المنطقة التعليمية ، فإن أكثر دور فردي أساسي في نجاح المدرسة الواعية هو المدير . وباعتباره عضواً في فريق قيادة المدرسة ، فإن المدير يَحضُر جميع حلقات التطوير المهني ، ويشارك في جميع عناصر التدريب . وفي هذا الإطار من المرجعية ، يكون المدير قادراً على أن يتعاون من أجل أن يُبقي تركيز الهيئة التدريسية على الرؤية العملية للمدرسة ، فهذه الرؤية تنشئ هدفاَ عاماً ، ولكن في بعض الأحيان قد يحدث تشتت فكري متعدد يسيطر على انتباه الهيئة التدريسية ، وبالتالي فإنهم يبتعدون عن الهدف المحدد . والمدير الذي لديه المهارات الاجتماعية ، عليه أن يعمل مع الهيئة التدريسية لوضع الخطة الاستراتيجية ، وعليه أيضاً أن يحول دون التشتت ، وأن يُحضِر المهمات اليومية ، وبهذا فإنه يصبح قائداً إيجابيًا في رحلة المدرسة الفاعلة . وكذلك فإن المدير عليه أن يَحضُر المؤتمر الصيفي للشبكة مع فريق إدارة المدرسة . يساعد انعقاد المؤتمر على زيادة وتوثيق ارتباط الهيئة التدريسية والتزامهم برؤية المدرسة . ومن ناحية أخرى ، فإنه يعمل على تقوية دور المدير كقائد للفريق وكمسهل للعملية .
بغض النظر عن قوة المدير ، فإنه لا يستطيع القيام بهذه الرحلة منفرداً ؛ لأن التغيير المنظم يحتاج إلى فريق من المدرسين المهتمين ، يشاركونه رؤيته ، ويكونون على استعداد لتكبُّد المخاطر من أجل التطبيق . وعن طريق العمل مع المدير ، فإن هذا الفريق يكون مسؤولاً عن دمج التطوير المهني في الاستراتيجيات الخاصة بتدريسهم ، والعمل على تطوير وتقييم الخطط التكتيكية . يبحث أعضاء الفريق المحوريين عن التطور المهني باعتباره وسيلة تساعدهم على العمل بطريقة أكثر فاعليةً مع الطلاب ، وعلى إيجاد استراتيجيات تساعد الطلاب على أن يصبحوا ناقدين ومبدعين ومفكرين تفكيراً تأملياً .
هؤلاء المدرسون ، الذين هم أول من يطورون الخبرة في النظام التعليمي الجديد ، يرغبون أيضاً في إشراك أقرانهم فيما تعلموه ؛ لأنهم يصبحون خبراء في تطبيق الاستراتيجيات الجديدة عن طريق ممارستهم وتدريب زملائهم . وبما أنهم يصبحون ماهرين في توظيف النظريات الجديدة فإنهم يطبقون مهاراتهم هذه في الفصل ، وكذلك يشركون أقرانهم في نفس الموضوع . وهم يدركون بأن مشاركة الأقران أسلوب مهم لجلب التغيير في الممارسة الصفية ، وتوفر منهجاً تعليمياً ناجحاً لجميع الطلاب .
2 ـ الوقت :
تجد المدرسة الفاعلة طرقاً فاعلة لإعادة تقسيم الوقت ، حيث يوفر المدير وقتاً أسبوعياً مختصراً مدته ثلاثون دقيقة لاجتماع فريق الإدارة . يسمح هذا الاجتماع العادي لأعضاء الفريق أن يتشاركوا في نجاحه ويراجعوا أهدافه ، وأن يعالجوا الإحباطات الناتجة عن عدم نجاح الاستراتيجيات المستخدمة . فالزمن الأسبوعي المشترك يذكِّر الفريق بأنهم "جميعاً معا ً" ، ويسمح لهم بتقييم كيفية تحسنهم ، وما هي القضايا التي يجب مناقشتها في المرة القادمة . يمكن لأعضاء الفريق أن يتحدثوا عن أهدافهم العامة ، وأن يعبِّروا عن اهتماماتهم ، وأن يقوموا بفحص حقيقي لتقدم كل واحد منهم ، وأن يقوموا بتوثيق تقدم الفريق . بدون هذا الوقت المشترك يكون من الصعب العمل على إبقاء زخم الرحلة .
توفر المدارس الفاعلة وقتاً للاجتماع بطرق مختلفة . فمثلاً نجد في إحدى المدارس الفاعلة يُطلَب من الأهل إرسال أبنائهم كل يوم أربعاء الساعة 8:30 صباحاً بدلاً من الساعة 8:15 صباحاً ، ويأتي فريق إدارة المدرسة للمدرسة الساعة 7:55 صباحاً بدلاً من الساعة 8:15 صباحاً ، وبذلك يتمكن الأعضاء من الاجتماع لمدة نصف ساعة كل أسبوع قبل بدء الدوام المدرسي . في مدارس أخرى نجد أنهم قد استأجروا أماكن محلية للعمل مع الطلاب لمدة 45 دقيقة يوم الجمعة صباحاً ؛ وبذلك تتمكن الهيئة التدريسية من الاجتماع والمناقشة . وبغض النظر عن ماهية المصادر التي تم توظيفها ، فإن المدارس الفاعلة تدرك بأن هذا الاجتماع الأسبوعي أساسي في إنجاح رحلة المدرسة الفاعلة .
هناك نوع آخر مطلوب من وقت المشاركة ، من أجل نقل الخبرات الناجحة بين أعضاء الفريق القيادي ، فأعضاء فريق القيادة بحاجة لأن يتشاركوا ، وأن يقلدوا بعضهم بعضاً ، وأن يدربوا أقرانهم في تطبيق الاستراتيجيات التعليمية والناقدة الجديدة . يمكن أن يكون تقسيم الوقت اللازم لتدريب الأقران بطرق مختلفة منها :
1- اضطلاع المدير بإدارة الفصل حتى يتمكن المعلم من ملاحظة استراتيجيات التدريس لدى زملائه .
2- ترتيب الجدول المدرسي بحيث يوفر وقتاً للقاءات مجموعات الأقران لتبادل الخبرات فيما بينهم .
3- إجراء مراجعات لتقييم الأقران .
4- توفير مقاييس فردية وجماعية ( على مستوى الفريق ) ومدرسية للنجاح مثبتة في حقائب ( logs ) المشاركة .
في المدارس التي يكون فيها الوقت متوفر أسبوعياُ لمشاركة الفريق الإداري ومشاركة المدرسين في الاستراتيجيات والتقنيات ، يكون نجاح الرحلة واضحاً بصورة أكبر .
هناك وقت آخر يتم الالتزام به ، وهو الوقت اللازم للاجتماع بعميل خارجي للمدرسة . مثلاً ، مع منسق الشبكة ، أو مع مهني التطوير للمنطقة ، أو أعضاء من الهيئة التدريسية في الجامعة ، أو معلم متقاعد ، أو رجل أعمال محلي يوفر الدعم لاستمرار التحسينات . وبصورة مثالية ، فإنه مهما كانت الوسائل الخارجية للدعم ، فإن هذه الاجتماعات تأخذ مكانها بعيداً خلال أسبوع العمل المعتاد ، وبذلك لا يتشتت فكر المدرسين والمدير . عندما توافق دائرة التعليم على توظيف مدرسين احتياطيين ، يتمكن المدرسون في رحلة المدرسة الفاعلة من تعلُّم أساليب تعزز مهاراتهم ، وعن طريق هذه الخطوة فإن دائرة التعليم ترسل رسالة قوية مضمونها أنها تنظر إلى المدرسين باعتبارهم مهنيين يجب أن يتدربوا خلال اليوم الدراسي العادي ، وأن دائرة التعليم تدعم الاستراتيجيات والمناهج التي يتم تدريسها .
في إحدى مناطق المدرسة الفاعلة حدثت معضلة ، حيث إن مدير المنطقة التعليمية أراد من جميع أعضاء الفريق الإداري للمنطقة أن يتدربوا ، ولكن لأن المنطقة التي تتواجد فيها المدرسة صغيرة ، فإن المدرسين الاحتياطيين لا يكفون حتى يتدرب الجميع في نفس اليوم . بالتالي قرر مدير المنطقة التعليمية أن يمدد كل جلسة تدريبية يوماً آخر حتى يتمكن الجميع من تغطية فصولهم ، وحتى يتمكن كل عضو من الفريق الإداري من التواصل مع التطوير المهني. هذا الحل الذي يتمثل في إضافة يوم آخر لكل جلسة تدريب ، يرسل رسالة قوية تدل على الالتزام القوي لكل من المدرسين والمجتمع .
يوجد نوع آخر من الالتزام بالوقت من أعضاء فريق الإدارة عندما يطبقون استراتيجياتهم الجديدة ، حيث يعمل هؤلاء المدرسون على إعادة تقسيم الوقت عن طريق تغيير جداول فصولهم ؛ حتى يتمكنوا من التدريب وإعادة تحسين استراتيجياتهم . وبينما يعمل هؤلاء المدرسون مع طلابهم ، يتعلمون تكييف توقعاتهم بالنسبة للوقت ، وكذلك يفهمون بأنه من أجل ترشيد تفاعل المجموعة ، ومن أجل أن يحافظ الطلاب على مشاركتهم في العملية التعليمية ، فإن ذلك يحتاج لوقت أطول من مجرد إعطائهم أوراق عمل بسيطة وتمرينات مستقلة .
في أثناء التعليم ، وعند تطبيق أنواع عديدة من الاستراتيجيات ، يبدأ المدرسون في الابتعاد عن الجدول الذي يحتاج إلى خمسٍ وأربعين دقيقة للرياضيات ، ومثلها للعلوم . . . إلخ . وبدلاً من ذلك يرى المدرسون حاجةً لدمج مفاهيم الرياضيات والعلوم . على سبيل المثال ، يبقى الطلاب في درسٍ موحد مشاركين مدةً أطول . فالمدارس الفاعلة ترى أن الكفاءة تكون في الجدول ككتلة واحدة ، بحيث يوفر الفرصة للطلاب ليتعلموا موضوعات معيَّنة بعمق. بعض المدارس الفاعلة تحولت إلى أربع حصص كل منها تسعون دقيقة ، والبعض الآخر أعاد تقسيم الموضوعات ، وبالتالي فإنه في أسبوع واحد يدرس الطلاب لغة وموضوعات متقاربة أيام الاثنين والأربعاء والجمعة ، ويدرسون الرياضيات والعلوم يومي الثلاثاء والخميس ، أما في الأسبوع التالي فيتم تبديل الجدول . هذا المفهوم " الجدول الكتلة " يساعد طلاب المدرسة الفاعلة على أن يدرُسوا موضوعات متقاربة بعمق ، وأن يتابعوا تطبيق المعلومات التي تعلموها .